الاثنين، 3 فبراير 2014

اسم تطوان ووضعيتها



محمد داود
  
أسماء المدن المغربية ينطق الناس بها ويكتبونها في الغالب بصيغة واحدة لا اختلاف فيها إلا نادرا. أما تطوان فقد اختلف الناس قديما وحديثا في كيفية النطق باسمها وفي صفة كتابته . حتى بلغ ذلك سبع صور . وذلك من الغرابة بما كان . ودونك ما وقفت عليه من ذلك في الكتب والوثائق الرسمية .
ـ تطوان
بتاء مكسورة بعد طاء ساكنة فواو فألف فألف فالناس،كذا يكتب جل الناس اسمها الآن كما يظن بعض الناس ، بل كانت مستعملة في القرن الثامن. إذ وردت في كتاب القرطاس المؤلف عام نيف وعشرين وسبعمائة ، وردت كذلك في كتاب دوحة الناشر لابن عساكر المتوفي سنة 986 . وإن شئت فانظر فيه ترجمة ابي عبد الله الكراسي والشيخ الجاسوس وردت أيضا في كتاب درة الحجال لابن القاضي المتوفي سنة 1025 وفي كتاب نزهة الحمادي لليفراني المتوفي عام نيف وخمسين ومائة وألف كما وردت أيضا في كتاب الدولة السعدية .
ـ تطاون . بطاء مشددة بعدها ألف فواو فنون وهذه الصيغة هي التي ينطق بها جميع أهل المدينة كجل أهل البلاد المغربية في كلاهمهم العادي . وقد وردت في كتاب " نزهة المشتاق " للشريف الإدريسي السبتي الجغرافي العالمي الشهير المتوفي سنة 560 وبهذه الصيغة ذكرها أبو حامد الفاسي في مرآة المحاسن مرارا وردت أيضا في درة الحجال وفي كتاب الدولة السعدية وفي نفح الطيب المقري .
ـ تطاوين .
بواو مكسورة بعدها ياء فنون . هذه الصيغة نجدها مكتوبة في جل الوثائق والرسوم العدلية القديمة . وهي التي أثبتها  وأيدها العلامة أبو علي اليوسي واعترض على الذين يسمونها تطوان وسماهم متصفحين . وأبو العباس الناصري مؤلف كتاب الاستقصا لا يذكرها في الغالب إلا بهذه الصيغة . وأستاذنا الرهوني قد ارتضاها وبناء عليها سمى كتابه :" عمدة الراوي في تاريخ تطاوين "
ـ تيطاوين .
بياء بين التاء والطاء ، وأخرى بين الواو والنون . وقد وردت هذه الصيغة في تاريخ ابن خلدون وكتاب البيدق المؤلف في القرن السادس وكتاب النفحة المسكية المؤلف في القرن العاشر .
ـ تطاون .
بتاء تليها طاء مشددة فألف فواو فألف فنون . هذه الصيغة ذكرها أبو عبيدة البكري الأندلسي في كتابه المسالك والممالك . وهو من رجال القرن الخامس ووفاته سنة 487 ه .
ـ تيطاوان .
مثل الصيغة التي قبلها بزيادة ياء بين التاء والطاء . وقد وردت في كتاب البكري أيضا وفي كتاب الاستبصار المؤلف في القرن السادس وفي كتاب النفحة المسكية .
ـ تيطاون .
بياء بين التاء والطاء وعدم الفصل بين الواو والنون . هكذا ذكرها عذاري المراكشي في حوادث سنة 347 من كتابه " البيان المغرب في أخبار المغرب " ووردت أيضا في مواضع متعددة من جزء مختصر من كتاب مناهل الصفا للفشتالي . وفي كتاب لقطة الفرائد لابن القاضي وكتاب النفحة المسكية .
وهذه الصيغ السبع كلها بربرية ولا يعرف لها معنى في اللغة العربية أما في اللغة البربرية فمعناها ـ عين أو عيون ولعل سكانها الأقدمين من البربر سموها بذلك لكثرة العيون التي بها والله أعلم .
أما النسبة  على ه المدينة فهي تطاوني أو تطواني . ولم أجد أحد ينسب إليها بغير إحدى هاتين الصيغتين لا في القديم ولا في الحديث. وأما الإفرنج ففي اللغة الإسبانية والإنجليزية والألمانية والإيطالية تكتب
 tetouan وفي اللغة الفرنسية تكتبtetouan  .
وضعية تطوان .
ومدينة تطوان .مدينة إسلامية عربية مغربية . وتقع في الشمال الغربي من بلاد المغرب التي كانت تدعى في القديم المغرب الأقصى وتدعى  في الشرق " مراكش "
والبحر الأبيض المتوسط يقع في شرقيها ، وبينهما عشر كيلومترات ومدينة سبتة المشرفة على بوغاز جبل طارق تقع في شمالها ، وبينهما نحو أربعين كيلومترا  ، ومدينة طنجة الواقعة على المحيط الأطلسي واقعة غربها لجهة الشمال وتبعد عنها بنحو ستين كيلومترا ، ومدينة أصيلا الواقعة على نفس المحيط تقع في غربها لجهة الجنوب وبينهما نحو تسعين كيلومترا .
وعرض تطوان بين الدرجة الخامسة والثلاثين والستة والثلاثين أما طولها فهي واقعة غرب العواصم الأوربية الشهيرة . إذ تقع غرب مدينة مدريد بنحو درجتين . ولندن بنحو خمس درجات ونصف. وباريس بنحو ثماني درجات . ورما بنحو ثماني عشرة درجة  . وبرلين بنحو تسع عشرة درجة .
وهي في الإقليم الرابع حسب اصطلاح قدماء الجغرافيين. وهذا الإقليم هو الذي يصفه ابن خلدون بأنه أعدل العمران، ويصف سكانه بأنهم أعدل أجساما وألوانا وأخلاقا. وتقع مدينة تطوان في سفح جبل درسة شمال النهر الكبير الذي يصب في البحر البيض المتوسط . وجبل درسة يعد قطعة من قبيلة الحوز المتصلة بالبحر البيض المتوسط ، وجاورها قبيلة أنجرة التي تحد بالبحر المذكور وببوغاز جبل طارق، كما تجاورها قبيلة واد راس وبني حزمر .
ولقد كانت تطوان في جميع أطوارها المعروفة منذ بزوغ شمس الإسلام عليها وعلى ناحيتها  في القرن الأول للهجرة . مدينة إسلامية تعتبر جزءا من المكلة المغربية الحرة المستقلة فلم تحكم تطوان أي سلطة أجنبية عن الإسلام والعروبة  إلا بعد الحرب الإسبانية المغربية عام 1267 ه 1860 . فلما انعقد الصلح نهائيا بين المغرب واسبانيا جلت عنها القوات الأجنبية وسلطتها بعد أن لبثت بها نحو العامين فقط ، ثم عاد إليها الحكم الإسلامي المغربي الخالص . واستمرت كذلك على أن  نصبت الحماية الأجنبية على بلاد المغرب ، فحلت بها السلطة الإسبانية عام 1331 – 1913 . ومن ذلك الحين فصلت مع بقية الشمال المغربي عن منطقة الحكم السلطاني وصارت النافذة بها لاسبانيا . وتكونت بها حكومة جديدة  على رأسها خليفة عن جلالة سلطان المغرب . وبذلك صارت تطوان عاصمة الشمال المغربي إلى الآن سنة 1373 – 1954 .
عن كتاب مختصر تاريخ تطوان

0 التعليقات :

إرسال تعليق